الحقائق الثلاث لتحرك الانتقالي في شرق اليمن .. مستشار رئاسي يوضح
- بدر باسلمة الجمعة, 19 ديسمبر, 2025 - 04:17 مساءً
الحقائق الثلاث لتحرك الانتقالي في شرق اليمن .. مستشار رئاسي يوضح

[ تمدد الانتقالي انطلق من عدة دوافع ]

لم يعد ممكناً تغليف التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة ، أو تسويقها تحت شعارات "التحرير" و"طرد القوات الدخيلة".

 

نحن اليوم أمام مشهد عارٍ من الدبلوماسية، يكشف عن "غزوة" سياسية وعسكرية لا تهدف لاستعادة وطن، بقدر ما تهدف للاستيلاء على مقدراته، في مغامرة صفرية النتائج قد تكتب السطر الأخير في مشروع الانتقالي نفسه.

 

إن القراءة المنطقية الباردة لهذا الإصرار المحموم على التمدد شرقاً، بعيداً عن العاطفة والشعارات الجوفاء، تضعنا أمام ثلاث حقائق دامغة تعري هشاشة هذا المشروع:

 

أولاً: البحث عن الغنيمة لا عن الدولة يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها؛ اندفاع الانتقالي نحو الشرق ليس بدافع "الحنين للأخوة الجنوبية"، بل هو اندفاع نحو "خزنة الدولة"، ويدرك قادة الانتقالي في قرارة أنفسهم حقيقة اقتصادية مرة:

 

الجنوب بلا حضرموت هو مشروع دولة مفلسة، عدن تستهلك، والضالع تقاتل، لكن حضرموت هي من تدفع الفاتورة. إن محاولة السيطرة على منابع النفط والمنافذ السيادية في الشرق ليست استراتيجية دولة، بل عقلية "فيد" تحاول تأمين الموارد المالية لآلة عسكرية متضخمة تعجز عن دفع رواتبها. إنه سطو مسلح على الجغرافيا الاقتصادية، ومحاولة يائسة لترقيع الفشل الخدمي والاقتصادي في عدن عبر نهب استقرار حضرموت. وقد بدأ الانتقالي بتوجيه شركة بتر ومسيلة بإنتاج الحد الأقصى من النفط وضخه للتخزين في خزانات مصافي عدن.

 

ثانياً: العبث بـصاعق الأمن الإقليمي يتصرف الانتقالي في المهرة وحضرموت بمديونية سياسية "مكشوفة"، متجاهلاً أبجديات الجغرافيا السياسية. هذه المناطق ليست مجرد محافظات يمنية، بل هي العمق الاستراتيجي والحديقة الخلفية للأمن القومي للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. إن نقل الفوضى، وتصدير صراع الميليشيات، ومحاولة فرض الأمر الواقع على حدود المملكة، هو "غباء استراتيجي" بامتياز. هل يظن الانتقالي أن دول الجوار ستقف مكتوفة الأيدي وهي ترى حدودها تتحول إلى بؤرة توتر تدار من قبل تشكيلات مسلحة لا تخضع لقرار الدولة؟ إن اللعب في هذا المربع هو لعب بالنار، وقد يحول الانتقالي من "حليف محلي" إلى "عبء أمني" يجب التخلص منه لضمان استقرار المنطقة.

 

ثالثا: صدام العقليات الدولة مقابل القرية أخطر ما في هذه المغامرة هو الجهل المطبق بطبيعة التركيبة الاجتماعية لحضرموت والمهرة. يحاول الانتقالي استنساخ تجربته في "الضالع ولحج" وفرضها على "المكلا وسيئون" كما يحاول فرضها في عدن، متناسياً أن حضرموت مجتمع مدني، تجاري، وعلمي، ينفر بطبعه من عسكرة الحياة ومنطق القوة الغاشمة. أبناء حضرموت لا ينظرون إلى القوات القادمة من الغرب كقوات تحرير، بل كقوات وصاية" تحاول إعادة إنتاج التبعية المركزية لعدن بدلاً من صنعاء. إن محاولة كسر الكبرياء الحضرمي، وتجاوز المكونات القبلية والسياسية الراسخة هناك، لن تولد إلا مقاومة شرسة. الانتقالي هنا لا يحارب جيشاً نظامياً يمكن هزيمته، بل يحارب "هوية" ومجتمعا" يرفض أن يُحكم بعقلية القرية، وهذا هو المستنقع الذي لا نجاة منه.

 

الخلاصة: إن إصرار الانتقالي على التمدد شرقاً ليس دليل قوة، بل دليل أزمة. إنها رقصة الديك المذبوح الذي يبحث عن شريان حياة اقتصادي وسياسي بعد فشلة في تحقيق الاستقرار في عدن وحواليها. لكن حضرموت، بتاريخها وثقلها وجوارها، أكبر من أن تبتلعها فصائل مسلحة، وأعصى من أن تُكسر، وإذا استمر هذا العناد، فإن الشرق" لن يكون بوابة الدولة الجنوبية القادمة، بل سيكون المقبرة التي تُدفن فيها طموحات الانتقالي وإلى الأبد.

 

بدر باسلمة: مستشار رئاسة مجلس القيادة الرئاسي لشؤون الإدارة المحلية.

 

نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك


التعليقات