مشهد يتعقد في اليمن.. تحذير حوثي وتحركات للرئاسي والانتقالي يهدد (تحليل)
- عامر الدميني الأحد, 05 مايو, 2024 - 02:45 صباحاً
مشهد يتعقد في اليمن.. تحذير حوثي وتحركات للرئاسي والانتقالي يهدد (تحليل)

[ الأحزاب السياسية فجرت ردود الفعل في صنعاء وعدن ]

يتجه المشهد في اليمن نحو مزيد من التعقيد، رغم الإنفراجة التي تسوق لها أطراف دولية، وذلك في ظل أحداث عاصفة تشهدها المنطقة، وألقت بظلالها على الوضع في اليمن، وفي مقدمتها الحرب التي تشنها إسرائيل على مدينة غزة الفلسطينية.

 

وارتفعت مؤخرا حدة التصلب لدى أطراف محلية، من خلال المواقف والتحركات التي أبدتها، إزاء العديد من القضايا، ما يشير إما إلى ضغوط يمارسها كل طرف لتمرير شروطه قبيل خارطة طريق يجري الإعداد لها، أو إلى حالة الانسداد المهيمنة على الملف اليمني منذ سنوات.

 

الحكومة اليمنية

 

وأعربت الحكومة اليمنية في عدن عن موقفها من خلال الزيارة التي قام بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى مدينة مارب للمرة الأولى، وزار خلالها جبهات القتال، وتوعد بدحر الحوثيين، واكتسبت الزيارة أهميتها كون مارب هي المحافظة التي ظلت في مواجهة عسكرية مفتوحة مع جماعة الحوثي، وصمدت أمام كل محاولات إسقاطها، وباتت تمثل اليوم إحدى المدن اليمنية المكتظة بالسكان.

 

وتتمسك الحكومة اليمنية، بما تصفه الجهود والمساعي التي تفضي إلى تحقيق السلام العادل المبني على المرجعيات الاساسية المتفق عليها عربياً واقليمياً ودولياً، وذلك وفقا لوزير الخارجية وشؤون المغتربين شائع الزنداني في كلمته أمام أعمال الدورة الـ 15 لمؤتمر القمة الإسلامية المنعقد في العاصمة الغامبية بانجول.

 

الزنداني ألمح في كلمته إلى خارطة الطريق المرتقبة، دون الإفصاح عن مضمونها، وقال إن الخارطة جاءت بجهود السعودية وسلطنة عمان، منتقدا تعاطي جماعة الحوثي معها، وأنها اختارت نهج التصعيد والإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

وعلى الصعيد الدبلوماسي واصلت الحكومة اليمنية لقاء سفراء أجانب فاعلون في المشهد اليمني، أبرزهم السفير الأمريكي، والسفير الصيني، والمبعوث الأممي لدى اليمن، ومبعوث واشنطن إلى اليمن.

 

ومثلت الخطوة الأهم في التحرك الحكومي اللقاء الذي عقدته الأحزاب السياسية في عدن يوم التاسع والعشرين من أبريل الماضي، وتأكيدها على توحيد جهودها في تكتل حزبي واحد، بما في ذلك المجلس الانتقالي، وخروجه بتأكيد على استكمال المعركة ضد الحوثيين، وهي المرة الأولى التي تلتقي فيها الأحزاب تحت شعار واحد، منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام 2022م.

 

جماعة الحوثي

 

بالنسبة لجماعة الحوثي، فلا تزال تُصر على موقفها، المرتكز على استحضار التهديدات الخارجية، وتتخذ من تصعيدها في البحر الأحمر تجاه فلسطين ورقة للتأثير على مكاسبها في عملية السلام.

 

ورغم التصنيف الأمريكي لجماعة الحوثي بالإرهاب، والاحتشاد الدولي الأوروبي في البحر الأحمر وخليج عدن، إلا أن الجماعة ماضية في أهدافها، بل وأعلنت مرحلة رابعة من التصعيد البحري، وفقا لما أعلنته زعيم الجماعة في الثاني من مايو الجاري.

 

وواصلت الجماعة رفضها لما وصفته صحف أمريكية للحوافز التي تقدمت بها واشنطن، وهي حوافز لم يتم الإفصاح عنها، بغية إيقاف التصعيد، وعززها وزير الإعلام في حكومة الحوثيين بصنعاء ضيف الله الشامي الذي قال لقناة الميادين إن مغريات عدة طرحت للشعب والقيادة في اليمن مقابل وقف الإسناد لفلسطين "لكننا لا نرى لذلك قيمة".

 

ويبدو أن جماعة الحوثي تستشعر تحركات خارجية عسكرية تستهدفها، وسط حديث عن تدخل عسكري محتمل لتحريك عدة جبهات محلية، وربما ذلك ما دفعها للتحذير على لسان المجلس السياسي الأعلى، الذي يعد الواجهة السياسية للجماعة من أي تصعيد أمريكي عدائي ضد أمن واستقرار اليمن.

 

تحذير المجلس السياسي الأعلى الذي نشرته وكالة سبأ في صنعاء أشار إلى ما وصفه بالتحضيرات المشبوهة الجارية لثني اليمن، وإضعاف دوره الفاعل والمؤثر والمنطلق من الواجب الديني والإنساني دفاعاً عن فلسطين، معتبرا إن تداعيات أي تصعيد لن تقف عند حدود اليمن.

 

وردت جماعة الحوثي على التكتل السياسي للأحزاب في عدن، باجتماع مماثل للأحزاب التي تدين لها في صنعاء، داعية خلال اجتماع موسع في الثالث من مايو الجاري بتوسيع التعبئة العامة، وإدانة اجتماع عدن الذي وصفته بالتأمري على اليمن، متهمة الاجتماع بالخيانة، وبأنه غطاء سياسي جديد للعدوان على اليمن برعاية أمريكية.

 

وتأتي هذه المواقف بالنسبة لجماعة الحوثي في الوقت الذي تتواصل فيه لقاءاتها بالعاصمة العمانية مسقط، مع المبعوث الأممي، وفي ظل استمرار تصعيدها العسكري بالبحر الأحمر، وتهديدها باستخدام القوة، رغم استمرار الضربات الأمريكية على أهداف تابعة لها في البحر والبحر اليمني.

 

المجلس الانتقالي

 

وعلى النقيض من هذا كله يمضي المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات لتعزيز أجندته الانفصالية، المطالبة بتقسيم اليمن، والعودة إلى عهد التشطير، على الرغم من مسؤوليته الحكومية، كعضو في مجلس القيادة الرئاسي، الذي يمارس مهامه من مدينة عدن، التي يقدمها الانتقالي كعاصمة شطرية.

 

ويبدو القلق مهيمنا أيضا على تحركات وأنشطة المجلس الانتقالي، إذ يلوذ بالصمت مع تحركات مجلس القيادة الرئاسي، لكنه يسارع لإطلاق التصريحات التي تعكس اتساع الهوة، وتباين الأجندة بين الانتقالي والرئاسي في عدن، وفقدان الثقة التي تتسع يوما بعد آخر.

 

فعلى الرغم من انعقاد وإعلان تكتل الأحزاب المؤيدة للشرعية في عدن التي يتواجد فيها المجلس الانتقالي، ورفعها لمطلب واحد في مواجهة الحوثيين، إلا أن الانتقالي لم يحضر ذلك التكتل، وخرج لمهاجمته لاحقا.

 

وفي اجتماع للهيئة السياسية المساعدة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي المنعقد في الثاني من أبريل الماضي، نددت الهيئة بما وصفته محاولات إعادة إحياء الأحزاب اليمنية لنفسها، عقب فشلها في عقر دارها، مستغلة مساحة الحرية والاستقرار التي تعيشها عدن، وفق تعبيرها.

 

وأعلن الانتقالي بشكل واضح رفضه للمخرجات التي أعلنتها الأحزاب السياسية، ووصفتها بأنها محاولة إنعاش جثة ميتة، وقالت بأنها تخلت الأحزاب عن واجباتها وقواعدها الشعبية في محافظات الشمال وتركتهم لقمة سائغة لمليشيات الحوثي الإرهابية.

 

وهنا تظهر اللغة واضحة في موقف المجلس الانتقالي، إذ أنه أظهر مناً كبيرا في استضافته للقاء الأحزاب، وكأنهم في دولته المستقلة، ثم شذوذه عن تلك الأحزاب، التي رفعت شعار مواجهة الحوثي، وهو الحديث الذي يردده الانتقالي بأنه يواجه الحوثيين، ثم اتساق موقفه مع موقف جماعة الحوثي في صنعاء من اعلان تكتل سياسي في عدن.

 

موقف المجلس الانتقالي أصبح أكثر وضوحا مع خطاب ألقاه رئيسه عيدروس بمناسبة ما يعرف بإعلان عدن، في الرابع من مايو الجاري جدد فيه التمسك بخيار الانفصال، والعودة للوضع التشطيري، قائلا أن المجلس قطع خلال سبع شوطا كبيرا لاستعادة الدولة الجنوبية، التي وصفها بالفيدرالية المستقلة.

 

وواصل الانتقالي خطواته التصعيدية باعتماد تعيينات وترقيات جديدة للضباط التابعين له في 13 لواء عسكري يتبعونه بالمحافظات التي يسيطر عليها المجلس، ووصل عددهم لنحو 1966 ضابطا.

 

وتأتي هذه الترقيات الجديدة للانتقالي على الرغم من تشكيل لجنة لدمج القوات والفصائل المسلحة تحت وزارة الدفاع، وبتوجيه من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وفقا لإعلان تأسيس المجلس، لكنها تعكس مدى العجز والفشل الذي تواجهه اللجنة، والتحديات التي يواجهها المجلس.


التعليقات