[ ضحايا كثير سقطوا بسبب استخدام النسخة غير الأصلية للواتساب في اليمن ]
يعتمد الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي اليمنيين -لا سيما الشباب- على التطبيقات المعدلة من برنامج التواصل الشهير "واتساب"، وذلك لما توفره من ميزات لا تتوفر في التطبيق الأم المملوك لشركة "ميتا"، منها ميزات قفل التطبيق وإخفاء شارات استلام وقراءة الرسائل، والعديد من الميزات الأخرى.
لكن متخصصون يمنيون في الأمن الرقمي يحذرون من استخدام تطبيقات "واتساب" المُنتحلة لتسببها بمخاطر أمنية قد تلحق أضرار ببيانات المستخدمين، ولكونها تنتهك الشروط القانونية لاستخدام تطبيق "واتساب" الرسمي.
ما هي تطبيقات واتساب المُعدلة؟
تطبيقات واتساب المُعدلة هي نُسخ غير رسمية من البرنامج الأصلي المملوك لشركة "ميتا"، يطورها مبرمجون مستقلون بالاعتماد على الهيكل البياني للتطبيق الأصلي ذاته، وذلك من خلال إجراء تعديلات على الأكواد البرمجية للتطبيق الأم لإضافة ميزات في النُسخ المُنتحلة لا تكون متوفرة في النسخة الأصلية.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة انتشرت النسخ غير الرسمية من واتساب بشكل واسع بين المستخدمين اليمنيين والعرب عموما، ويعد "واتساب عُمر" النسخة الأبرز في المنطقة العربية من بين أكثر من 20 نسخة رائجة من تطبيقات "واتساب" المُنتحلة، وفق تقرير نشرته صحيفة "الوطن القطرية" منتصف يوليو الماضي.
اقرا أيضا: مستغلة الاضطرابات وتدهور الأوضاع.. برمجيات خبيثة تغزو هواتف وحواسيب اليمنيين (تقرير)
ومن ضمن أبرز النسخ غير الرسمية من واتساب والمنتشرة في المنطقة العربية؛ "واتساب الذهبي"، و"واتساب بلس" الذي ينتشر خصوصا بين المستخدمين اليمنيين، و"يو واتساب"، و"GB Whats App"، و"JT Whats App"، و"NS Wats App"، وفي اليمن تنتشر نسختين مُنتحلتين من واتساب، هما "واتساب عمر"، و"واتساب صدام الرفاعي"، والنسختين مملوكتين لاثنين من المطورين اليمنيين.
إحصائيات
يستخدم أكثر من ثمانية ملايين ومئتي ألف شخص خدمة الانترنت في اليمن، وهو عدد يمثل نحو 27% من إجمالي سكان اليمن، بحسب إحصاءات التقرير السنوي الصادر مطلع العام 2022 عن "lcon Digital Agency"، وهي وكالة رقمية يمنية معنية برصد ظاهرة استخدام الانترنت في اليمن.
وذكر التقرير أن نحو 11% من اليمنيين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن تطبيق "واتساب" هو الأكثر استخداما لدى الجمهور اليمني. على أن تقديرات لخبراء يمنيين في التحليل الرقمي تشير إلى أن نسبة من يستخدمون نُسخ "واتساب" المُنتحلة تصل إلى مئات الآلاف من المستخدمين.
وتقع هذه النسبة الكبيرة من مستخدمي نسخ "واتساب" غير الرسمية في اليمن ضمن دائرة الخطر الرقمي، وفق خبراء في الأمن الرقمي، وذلك لأن تلك النُسخ تنتهك خصوصية المستخدمين وتشترط لتنصيبها في الهواتف موافقة المستخدم على طلب الوصول إلى كافة البيانات في هاتفه.
مخاطر أمنية
يقول عصام القفاز، وهو متخصص في الأمن الرقمي، إن نسخ "واتساب" غير الرسمية؛ ليست آمنة وتُعرض بيانات المستخدمين للخطر، ذلك أنها نُسخ غير قانونية ولا تخضع لمعايير الاستخدام الرقمي المتعارف عليها عالميا.
ويؤكد القفاز في حديث لـ"الموقع بوست"، أن كل النصوص والوسائط المُرسلة والمُشارَكة في نسخ "واتساب" غير الرسمية؛ تصل لسيرفرات مطوري التطبيق، وهي جهات غير قانونية لا تخضع لأي قوانين متعلقة بالرقابة الرقمية.
اقرا أيضا: تطبيقات كشف الأرقام.. جرائم طالت عائلات وانتهاك للخصوصية ومخاطر أمنية في اليمن (تقرير)
ويشير الخبير في الأمن الرقمي إلى أن إمكانية أن يقوم مطوري هذه النسخ من واتساب باستخدام بيانات العملاء لأغراض غير قانونية؛ محتملة بشكل كبير، مرجحا أن تشمل تلك الإمكانية بيع بيانات المستخدمين لجهات تجارية أو تجسسية، وفي ذلك انتهاك لخصوصية المستخدمين ويعرض معلوماتهم للخطر.
لماذا يُفضَّل الواتساب المُنتحل؟
يقول القفاز إن الكثير من المستخدمين اليمنيين يفضلون نُسخ "واتساب" المُنتحلة، وذلك بسبب تضمنها لسمات استخدام غير متوفرة في تطبيق الشركة الأصلية، منها إمكانية "الرسائل ذاتية الاختفاء" التي تخفي الرسائل من سجل الدردشة بعد ساعات معينة من إرسالها، وميزة إخفاء شارات القراءة والاستلام للرسائل، وإمكانية إخفاء الكتابة والتسجيل في نوافذ الدردشات، وإمكانية قفل واتساب، وإمكانية تحميل نصوص الحالات التي يضعها المستخدمين.
إضافة إلى سمات أخرى كثيرة توفرها نسخ "واتساب" المنتحلة، تشمل أيضا إمكانية منع حذف الرسائل بعد إرسالها، حيث تظهر الرسالة في نافذة الدردشة خاصة المُستَلم حتى بعد حذفها من قبل المُرسل.
سمة "غير أخلاقية"
وتعد سمة "منع حذف الرسائل" بمثابة انتهاك للخصوصية الشخصية للمستخدمين، بحسب محمود الشريف، الذي يرى أن هذه السمة تعرض بعض المستخدمين لخطر الابتزاز الإلكتروني في حالة الرسائل المُرسلة بالخطأ لمستخدم غير مقصود، كإرسال الصور بالخطأ على سبيل المثال، والتي قد يستخدمها الطرف المستقبِل لابتزاز الطرف المُرسل، لا سيما إن كان المرسل امرأة، مؤكدا أن النساء هن الأكثر تضررا من هذه السمة التي توفرها نُسخ "واتساب" غير الرسمية.
يقول الشريف، وهو خبير في الأمن الرقمي، في حديث لـ"الموقع بوست"، إن تطبيقات الواتساب التي جرى التعديل عليها من قبل جهات غير معتمدة من قبل الشركة الأم؛ غير قانونية، فهي تنتهك حقوق ملكية الشركة الأصلية لـ"واتساب"، لكنه يشير إلى أن بعض الميزات التي توفرها غير ضارة وتحظى بقبول المستخدمين، ويذكر منها إخفاء مشاهدة الحالة على سبيل المثال.
ويتطلب تحميل نسخ واتساب غير الرسمية تعطيل إعدادات الآمان في الهاتف والسماح بتثبيت "تطبيقات غير معروفة"، وهو ما يفتح ثغرة لتسلل البرمجيات الضارة إلى هواتف المستخدمين ويضاعف من فرص الإضرار ببياناتهم.
غياب خاصية التشفير
يقول الشريف إن النُسخ المُعدلة من "واتساب" تفتقر لأهم ميزة في التطبيق الأصلي؛ وهي خاصية التشفير بين طرفي الاستخدام، فلا يمكننا التأكد -في النسخ المُنتحلة- من أن رسائل المستخدم لا تمر عبر خوادم جهات خارجية قبل الوصول للمستلم.
وطبقا للشريف فإن هذه النُسخ غير القانونية من "واتساب" لا تتوفر للتحميل على المتاجر الرسمية كـ "جوجل بلاي" و"آبل ستور"، فهي مُستضافة على خوادم غير آمنة على الإنترنت، وهو ما يشكل خطورة إضافية على المستخدمين، على حد قوله.