عودة تحركات الانتقالي في حضرموت يقابلها تحركات المجلس الموحد.. إلى أين تتجه الأوضاع بالمحافظة؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 04 مارس, 2024 - 10:23 مساءً
عودة تحركات الانتقالي في حضرموت يقابلها تحركات المجلس الموحد.. إلى أين تتجه الأوضاع بالمحافظة؟ (تقرير)

[ الزبيدي مع وفد من قبائل حضرموت ]

تشهد محافظة حضرموت (شرق اليمن) عودة لتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، بالتزامن مع زيارة وتحركات للمكونات المناهضة للإنتقالي إلى السعودية.

 

وتأتي عودة تحركات الانتقالي في حضرموت بالتزامن مع زيارة وفد اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية (شبوة، حضرموت، المهرة، سقطرى) إلى المملكة العربية السعودية، كما عقد الوفد خلال اليومين الماضيين في الرياض لقاءات مع مسؤولين في الحكومة.

 

ويسعى الانتقالي منذ الأعوام الأخيرة إلى ضم محافظة حضرموت تحت سيطرته في محاولاته لإعلان دولته في الجنوب وبدعم من الإمارات وذلك من خلال الدفع بارتال عسكرية وتحشيد أنصاره وعقد لقاءات مجلسه في مدينة المكلا، الأمر الذي قوبل برفض واسع من قبل المكونات المجتمعية والقبلية في حضرموت.

 

كما تأتي تحركات الانتقالي في حضرموت بعد أيام من تصعيده في سقطرى ضد قوات الواجب السعودية، واستقدامه أكثر من 150 عنصرا من خارج الجزيرة (من الضالع ولحج) وتحريض مناصريه في الجزيرة ونصبه خياما أمام مقر القوات السعودية، الأمر الذي يكشف مدى الخلافات والصراع على النفوذ بين أبوظبي والرياض، حسب مراقبين.

 

عودة تحركات الانتقالي تحت يافطة المظلومية والحرمان

 

وأمس الأحد، التقى عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وفدا من مقادمة قبائل الحموم في محافظة حضرموت برئاسة الشيخ سالمين بن مجنح الحمومي شيخ قبائل الحموم، وفقا لموقع الانتقالي.

 

وخلال اللقاء الذي حضره علي الكثيري رئيس الجمعية الوطنية، اطّلع الزُبيدي، من الوفد على مستجدات الأوضاع الإنسانية في مناطق محافظة حضرموت ساحلا وواديا وصحراء وهضبة، واستمع منهم لأبرز الهموم والمشكلات التي يعانيها السكان وفي طليعتها المعاناة اليومية التي يعيشها سكان مناطق الامتياز النفطي جراء الانبعاثات المصاحبة لعملية استخراج النفط.

 

وزعم الزُبيدي أن قيادة الانتقالي، تهتم بأوضاع سكان تلك المناطق وتلمس همومهم والعمل على إنهاء معاناتهم جراء التلوث الذي تعانيه مناطقهم، من خلال التوجيه للجهات ذات العلاقة في الحكومة لوضع حلول جذرية ومستدانة للانبعاثات المصاحبة لاستخراج النفط.

 

وجدد الزُبيدي دعمه ومساندته لأبناء حضرموت، والوقوف إلى جانبهم للحصول على ما سماه "حقوقهم كاملة غير منقوصة"، مؤكدا بذل أقصى الجهود لإنصاف سكان المناطق النفطية في حضرموت والانتصار لحقوقهم في الحصول على المشاريع الحيوية في مختلف القطاعات.

 

وعمد الزبيدي في كل لقاءاته بشأن حضرموت على مغازلة أبناء المحافظة، بأن أبناء المحافظة الغنية بالنفط مهضومين، مشيدا بمواقفهم الوطنية والنضالية في مسيرة ما وصفها بـ:الثورة الجنوبية التحررية”، زاعما أن "حضرموت كانت وستبقى قلب الجنوب النابض وعُمقه الاستراتيجي والتاريخي".

 

وفي اليوم ذاته عقد أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي، في مدينة المكلا، لقاءً موسعاً بأعضاء القيادة المحلية للمجلس الانتقالي، وعدد من أعضاء الجمعية العمومية للمجلس في حضرموت، بمعية فادي باعوم عضو هيئة رئاسة الانتقالي، وعبد السلام مسعد رئيس فريق الحوار الوطني.

 

وقال بن بريك في اللقاء "إننا نمر اليوم في ظروف سياسية بالغة التعقيد، نتيجة التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، القائمة على تجاذب المصالح، وهو الأمر الذي يتطلب منا في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي حنكة سياسية لتوجيه بوصلة مصالح وتطلعات ما سماه "شعب الجنوب" في الاتجاه الصحيح، وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه دماء الشهداء والجرحى".

 

وشدد على الوقوف بجدية تجاه التحديات والتطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، وذلك بتحديث الأساليب وتطويرها بما يتواكب مع التحديات، وبما يحقق مصالح ما سماه "شعب الجنوب".

 

وزعم بن بريك أن لا حياد عن تحقيق أهداف وتطلعات "شعب الجنوب" في حقه بإقامة دولته المستقلة، انطلاقاً من وحدة الصف الجنوبي والانفتاح على محاورة كل الأطراف الجنوبية.

 

من جانبه أشار فادي باعوم عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى أهمية مكافحة الفساد، وتفعيل مبدأ الذمة المالية، وضرورة التنسيق بين القيادة المحلية لانتقالي حضرموت مع السلطة المحلية، وتقريب المسافة بين قيادات الانتقالي المحلية وشرائح المجتمع.

 

بدوره قدم عبد السلام مسعد رئيس فريق الحوار الوطني، شرحاً موجزاً عن نشاط فريق الحوار الوطني خلال العامين الماضيين، والذي تكلل باللقاء التشاوري والميثاق الوطني، حيث كانت نسبة مشاركة حضرموت أكثر من "35%"، مشيراً الى أن الخطوات القادمة ستشمل تشكيل لجان متخصصة في كل محافظة للتباحث في كيفية إدارة شؤونها.

 

زيارة وتحركات وفد المجلس الموحد للمحافظات الشرقية للسعودية

 

والسبت، التقى رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر، باللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية (شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى).

 

وقال بن دغر -في منشور بصفحته على فيسبوك- إنه التقى رئيس اللجنة الوكيل المساعد عبدالهادي التميمي، وعضو مجلس الشورى الشيخ صلاح باتيس والوزيرة السابقة الدكتورة نهال العولقي، وعضوي اللجنة التحضيرية حسن بن طالب بن الشيخ بوبكر، والعميد عبدالرحيم العولقي.

 

وبحسب بن دغر فإن اللقاء أكد على الهدف الأسمى لهذا المكون وهو التمسك بخيار الدولة الاتحادية، وما نصت عليه مخرجات الحوار الوطني.

 

 

بدورهم أكد رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية محاورتهم لقيادات سياسية واجتماعية وثقافية وإعلامية في المحافظات الأربع، مشيدين بحالة الدعم الشعبي المتزايدة للمجلس الموحد الذي تتكون وتنمو مع كل مرحلة من مراحل التحضير لمؤتمر جامع شامل لا يستثني أحدًا في المحافظات الأربع.

 

وأمس الأحد أيضا التقى وفد اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، برئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني.

 

وخلال اللقاء، قدم الوفد لرئيس البرلمان شرحا تفصيليا عن فكرة المجلس وخطوات تشكيل لجنته التحضيرية لأبناء المحافظات الشرقية، كإقليم في الدولة الاتحادية وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أحد أهم المرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنيا واقليميا ودوليا للوصول الى اصطفاف وطني شامل لاستعادة الدولة وبنائها على أسس الشراكة والعدالة والحكم الرشيد.


 

 

ونوه الوفد إلى أنهم يتطلعون لأن يكونوا شركاء في إدارة السلطة والثروة بمواطنة متساوية في الحقوق والواجبات بعيدا عن "المركزية والإقصاء والظلم والفساد والعصبيات والصراعات التي لا تبني الأوطان".

 

بدوره، رحب رئيس مجلس النواب بهذه الخطوات مشيدا بدور أبناء المحافظات الشرقية وحبهم للنظام والقانون وتمسكهم بدولة المؤسسات ومبدأ الشراكة والعدالة والتعايش.

 

وأكد البركاني، أن اي عمل يجمع ولا يفرق ويرص الصفوف من اجل بناء اليمن المنشود هو بغية كل اليمنيين جميعا وسيكون محل تقدير واحترام لدى الجميع وسيجعل مهمة استعادة الدولة ومؤسساتها وبناء اليمن الجديد حقيقة واقعة بمشاركة الجميع ونضالهم من أجله.

 

تشهد محافظة حضرموت توترا سياسيا واجتماعيا على مستوى القيادات والوجاهات الاجتماعية بعد استقدام رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتيا قوات عسكرية إلى المحافظة.

 

ومنذ سنوات، يطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وداي حضرموت، ويصفها بأنها "قوات محتلة"، وشهدت الشهور الثلاثة الماضية حراكًا شعبيًا وتظاهرات مدفوعة من أطراف سياسية في هذا الاتجاه.

 

صراع سعودي – إماراتي على النفوذ

 

وتحوّلت حضرموت، بسبب اتّساع مساحتها وانفتاحها على البحر وثراء أراضيها بالنفط، إلى مدار صراع شرس بين الانتقالي المدعوم إماراتيا والقوات الشرعية المدعومة سعوديا.

 

رغم المحاولات الإماراتية بإسقاط المحافظة الغنية بالنفط بأيدي مليشياتها لم تغب السعودية عن خلفية الصراع من خلال سعيها للإبقاء على حضرموت تحت سيطرة شخصيات وقوى مقرّبة منها بهدف اتخاذ أراضيها المجاورة للمملكة حزاما أمنيا متقدما لها وفتح منفذ آمن عبرها باتجاه بحر العرب إلى المحيط الهندي.

 

وتراوحت محاولات السيطرة على حضرموت من قبل الانتقالي بين المناورات السياسية المتمثّلة في إنشاء الهياكل والتجمّعات المحلّية، والتحرّكات الأمنية الهادفة إلى مدّ سيطرة مليشياته على منطقة وادي حضرموت.

 

وخلال الأشهر الأخيرة اتخذ الصراع الراهن في حضرموت يافطة الحضور العسكري، وعكس حالة المنافسة لدى كل دولة لتعزيز السيطرة الفعلية على المحافظة الغنية بالنفط، وذات الأولوية العالية بالنسبة للسعودية، وهو امتداد لحالة الشد والجذب بين الدولتين، وينعكس من فترة لأخرى على الكيانات المحلية التابعة لهما.

 

تتواجد الدولتين فعليا في حضرموت منذ منتصف العام 2015م، عندما شنتا عملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة، الذي سيطر على الوضع، بعد سقوط الدولة في صنعاء، وانتهت تلك العملية، بنتيجة لازال يسودها الغموض، في المعركة مع تنظيم القاعدة، وآلت السيطرة الكاملة للدولتين، واللتان عززتا حضورهما عبر العديد من الأوجه، منها تنصيب المسؤولين المحليين التابعين لهما، أو تعزيز تواجدهما العسكري، واتخاذ منشآت حكومية مقرات لهما، كمطار الريان، ثم إنشاء قوات عسكرية تدين لهما بالولاء.

 

منذ منتصف العام الماضي ومع ظهور الخلافات السعودية الإماراتية وتباين أجنداتهما في اليمن إلى العلن عمدت الرياض إلى أسلوب آخر لاستمرار توسعها في الوصول للساحل الحضرمي تكللت بإنشاء "مجلس حضرموت الوطني" وعملت على تحييد قيادات في الانتقالي عن داعمها أبوظبي.

 

ونظرا لأن السعودية تتمتع بشريط حدودي مع حضرموت والذي يمثل نسبة كبيرة من حدود اليمن بالمملكة، سعت السعودية إلى إبقاء تلك المنطقة (وادي حضرموت) منطقة هادئة شبيهة بما هو معروف بالمنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد عبر احتوى القيادات القبلية والمجتمعية بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

 

ومن أجل محاصرة الإمارات وأذرعها جنوب اليمن عهدت السعودية على إنشاء وحدة عسكرية تحت إمرتها بمسمى "درع الوطن" يكون مخلبها الخشن ضد شقيقتها الإمارات اللتان يتنازعان المحافظة النفطية بينهما.

 

وفي محاولة لبسط سيطرتها في العمق الجغرافي لحضرموت منعت قوات "النخبة الحضرمية" المدعومة إماراتيا تقدم قوات "درع الوطن" التي أنشأتها السعودية مؤخرا باتجاه مدن الساحل الخاضعة لسيطرة النخبة، الأمر الذي قاد أبوظبي لتحريك أدواتها الانتقالي لإقامة مهرجان وتحشيد تحت ذريعة دعم النخبة الحضرمية.


التعليقات