قدرت بعض المصادر الأمريكية أن إنفاق السعودية والإمارات على حرب اليمن بلغ في السنة الأولى 750 مليار دولار ، كان بإمكان عشر هذا المبلغ أن يحدث تنمية تجعل اليمن مصدر استقرار للمنطقة وللأمة العربية ، لكن كما يعلم الجميع ، فالسعودية والإمارات تقودان مشروع تدمير الأمة العربية وتسليمها لإسرائيل وإيران .
كان الأمر واضحا في عام 2011 لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، لكن أحدا لم يكن يقرأ ما يدور في عقل الأمريكان والبريطانيين ، فمضى مع الفوضى ، معتقدا أنه يبحث عن الحرية في دولة ينتمي إليها وتنتمي إليه ، لم يكن يقدر أن بناء الدول يتم عبر التراكم ، وأن ما يمارسه من تعبير عن آرائه ومشاركته قراراته مع الآخرين هو جزء من بناء تلك الدولة ، فأصر على تقويضها ، لينتقل بعد ذلك من ممارسة الرأي إلى كبحه ومن الأمان إلى الخوف ومن انتخاب الحاكم إلى تفويضه .
تحول للمواطن اليمني من مجاهر بصوته ومعارض إلى مستسلم خائف ، لتتحول اليمن خلال 12 سنة إلى ساحة حرب كبيرة ومرتع لعدد من المليشيات وتدخل الدول الأخرى في شؤونه ، مستسلما للجوع والفقر ونقص الخدمات في الداخل ولاجئ في الخارج ، كان يعيش تحت نظام بعضه فاسد وبعضه صالح ، فأصبح يعيش تحت نظام كله فاسد ، وكان يعيش تحت نظام يوزع السلطة على كل المناطق ، فأصبح يعيش تحت نظام احتكر كل شيء لمجموعة واحدة ومن منطقة واحدة .
تم تدمير البلد وتدمير الأصول المادية ، كالطرق والمساكن والطرقات والإضرار بالموارد البشرية ، بانخراط الناس في الحرب أو مغادرة البلد ، وهرب رأس المال من البلد ، فضلا عن تهريب الأموال خارج البلد وأصبحت الحرب مصدرا للعمالة والارتزاق ، مما جعل جيلا بأكمله لم يكتسب أفراده سوى خبرة واحدة ، هي خبرة القتال ، وبعد أن كانت البلاد كيانا واحدا متكاملا أفضت الحرب إلى تقسيمه وصناعة الحواجز فيه .
قوضت الدولة اليمنية وقوض اقتصادها بالكامل ودفعت اليمن أثمانا إنسانية ومادية باهضة لينتهي بها الأمر في نهاية المطاف إلى هذا الوضع الذي جعل أمثال رشاد العليمي ومعين عبد الملك والبركاني وبن دغر يديرون مؤسسات الدولة لتصفية الدولة ، ففي الوقت الذي كنا نشاهد العليمي يتمشى في شوارع حضرموت كان الحوثي يعين مشرفين لإدارة المدارس الخاصة بعد أن هرب أولياء الأمور أولادهم إليها كي يجنبونهم غسيل الدماغ الذي تمارسه عصابة الحوثي الإرهابية .
لقد أهدرنا مئات المليارات من الدولارات ومئات الآلاف من القتلى لكي يأتي أمثال رشاد العليمي ومعين عبد الملك ، أهدرنا الديمقراطية وما يصاحبها من تنمية ، لكي يفرض علينا أمثال البحسني والمحرمي وطارق صالح وعثمان مجلي ، فإلى متى الاستسلام لمثل هذا الوضع ، ونحن نرى بأننا قد استدرجنا إلى هدر طاقاتنا واستسلمنا للعبودية ، فهل يعقل أن نمارس صمتنا إلى مالا نهاية ، أم أنه قد حان الوقت لأن ننتصر لحريتنا وكرامتنا ؟