الخلاف بين الحوثيين والمؤتمريين على من يبدأ كلمته أولاً دليل على أن الانقلاب الطائش -بشقيه الحوثي والصالحي- لايقدر العواقب ويظن أن الحوار في كهف الفتى ماوكلي بجبل مران، وليس في الكويت.
الخلافات العميقة بين الطرفين لم تبدأ في لقاء الكويت بل قد بدأت بوادرها على الأرض قبل الاستعراض بالجماهير الشهر الماضي في ساحتي السبعين والجراف بالعاصمة المحتلة صنعاء.
يلجأ البعض إلى التقليل من الخلافات بين المخلوع صالح -عكفي البدر سابقا- وبين فتى الكهف عبد الملك -نبي الهاشمية السياسية ومنقذها حد تعبير أنصاره- ، ما يجمع بين طرفي الانقلاب هو الحقد على الثورة الشعبية والسلطة الشرعية والقوى الوطنية، والعمالة لإيران والعداء الحاد للعرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية.
ويجمع بينهما المذهب الطائفي -الزيدي- الدخيل على اليمن، والذي يحصر الإمامة في البطنين وإن تعذر الأمر ففي العكفة خدم الهاشمية السياسية، ممن آمنوا بتميز السلالة وتفوقها الجيني ورضوا أن يكونوا تابعين لها مدى الحياة.
الخلاف على الزعامة والتصدر للمشهد ظهرت بوادره على مستوى الإعلام، فهناك تراشق إعلامي بين الطرفين،ليصل التوتر بينهم إلى درجة منع القنوات التابعة للحوثيين من بث خطابات صالح الأخيرة عبرها.
وهناك خلافات على مستويات أدنى إذ تتهم قيادات مؤتمرية شركاءهم الحوثيين في الانقلاب بالإقصاء لتربويي المؤتمر، بالإضافة إلى إعتقال قيادات مؤتمرية شابة، ومؤخرا قتل شباب ينتمون للمؤتمر كما حصل قبل يومين في مدينة ذمار .
على من تبقى من المؤتمريين النظر إلى هذه الأعمال بعين الإعتبار، خاصة إذا ما قورنت بأعمال مشابهة للحركات الشيعية في أماكن أخرى من العالم. أين حركة أمل الشيعية اللبنانية والتي كانت لها الصدارة والزعامة للتيار الشيعي اللبناني إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضي؟ أين التيارات الستة الأخرى التي تبنت الثورة الإيرانية في 1979 بالإضافة إلى تيار الخميني؟ تم ابتلاع أمل من قبل حزب الله، وتم ابتلاع الفصائل الإيرانية من قبل فصيل الخميني بعد الثورة. وهذا ما سيحصل للمؤتمر الشعبي إذا ما استمر في حالة التيه والانتقام من الشعب الذي أطاح بزعيم المؤتمر (صالح).
يعتبر الحوثيون منطقة شمال الشمال ميراثا لهم وفقا لانتشار المذهب الزيدي المنغلق على ذاته، وبالتالي يراهنون على البيئة الإجتماعية هناك خاصة بعد أن تخلصوا من خصومهم السياسيين في الإصلاح، والآن جاء دور المؤتمر ليتجرع الكأس نفسها التي أذاقها لخصومه أثناء وبعد الانقلاب.
ومع كل ماسبق سيصر الحوثي وصالح عبر وفديهما في لقاء الكويت على حقهما في الشراكة السياسية، ولن يسلما السلاح للشرعية وجيشها وسيتمسكان بإبقاء الحرس الطائفي على أساس أنه وحدات جيش نظامي، وهذا ما سينهي أي آمال شعبية في المصالحة حتى وإن تمت ووافقت عليها دول التحالف، فهذه الوحدات هي التي أحرقت المدن والمساكن وقتلت السكان، وهي مليشيات الرب التي سفكت دماء شعبنا. التسوية وإن تمت أيضا ستضيع في التفاصل التي يكمن فيها أكثر من شيطان..