الحوثيون يرون أنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم بقوة السلاح الذي يطالبهم القرار الدولي 2216 بتسليمه.
الحوثيون لا وزن سياسياً لهم، ولا شعبية واسعة، ولذا فإن السلاح هو الوسيلة الوحيدة في أيديهم لاستمرار سلطتهم، ولهذا لن يسلموه. يعرفون أنهم لن يحكموا عبر "صندوق الانتخابات"، ويحتفظون بالسلاح، لأنهم يريدون السلطة من خلال "فوهة البنادق".
نقطة مهمة يجب التركيز عليها: لم يحقق الحوثيون ما حققوه إلا بسبب سياسات أسلافهم من الأئمة الذين اعتمدوا سياسة "فرق تسد"، حتى حكموا الشعب بالبطش والتنكيل.
استغل "الإماميون الجدد" خلافات حاشد-بكيل، وهم ليسوا في وارد مصلحة حاشد ولا بكيل، استغلوا خلافات حاشد-حاشد (كما بين عذر والعصيمات)، ولم يعملوا لسواد عيون عذر، استغلوا خلافات بكيل - بكيل، كما في الجوف وحرف سفيان، ولم تستفد منهم حرف سفيان بشيء، هاتوا قائداً دينياً أو سياسياً أو عسكرياً بارزاً نصبه الحوثيون من غير جماعتهم.
ولنا في عبدالله الرزامي نائب حسين الحوثي، الذي أزيح لمصلحة عبدالملك الحوثي عبرة، ولنا في صالح هبرة الذي أزيح ليحل محله صالح الصماد مَثَل، وقبل ذلك لنا في محمد عزان الأمين العام المؤسس لـ"الشباب المؤمن"، الذي أزيح بفتوى من بدرالدين الحوثي، لصالح حسين الحوثي أعظم درس.
تنبهوا...الحوثيون استغلوا خلافات المؤتمر والإصلاح، أو المؤتمر وحلفائه، والمشترك وشركائه، استغلوا خلافات الرئيس السابق صالح والرئيس الحالي هادي، خلافات هادي وباسندوة، خلافات أسرة صالح، وأسرة الأحمر، خلافات العسكريين، خلافات الجنوب والشمال، خلافات الزيدي الشافعي، وعزفوا على كل المتناقضات.
واليوم، وبعد أن فرق الحوثيون اليمنيين، وذبحوهم بكل سكين، وأذلوا الكل، وداسوا على الجميع، وملؤوا السجون بالصحفيين، والسياسيين، والمخالفين لهم طائفياً، وبعد أن مروا على منازل الخصوم وفجروها، وعلى بيوت الله ودمروها، وعلى وجه صنعاء الجميل ولوثوه بشعارات الموت، وصور زعماء فتنتهم.
واليوم وبعد أن شقوا النسيج الاجتماعي، وزرعوا البغضاء والأحقاد، وسمموا السلم الاجتماعي، ونهبوا البنك المركزي، واليوم وبعد ذلك كله، يظن بعض السذج أن الحوثي يمكن أن يسلم سلاح الدولة الذي نهبه، وهو شرعيته الوحيدة، ووسيلته للاحتفاظ بسلطة أخذها غصباً عن شعب لا يريده، وهو وسيلته للدفاع عن نفسه في وجه ملايين الضحايا من اليمنيين الذين يترقبون لحظة سقوطهم.
ما هو المطلوب اليوم؟
المطلوب أن تبذل الحكومة كل جهد في محادثات السلام في الكويت لإنجاحها، فإذا فشلت المحادثات، فإن الفشل سيكون إعلان براءة للشعب اليمني، من مسؤولية ما سيجري بعد فشلها.
وبعدها، المطلوب أن ننسى أننا مؤتمر وإصلاح، أننا مؤتمر ومشترك وأننا جنوب وشمال، وأننا شوافع وزيود، وأننا مطلع ومنزل، وأننا حاشد وبكيل، وأننا عُذر والعصيمات، وأننا هاشميون وقحطانيون، وأننا رئيس سابق، ورئيس حالي، وأننا محمد ناصر أحمد وعلي محسن الأحمر. علينا أن تذكر أننا شعب الزبيري والنعمان ولبوزة والبيحاني، والمطاع والموشكي والقردعي والعواضي ومدرم والثوار الكرام وحسب، ونتوحد معاً ضد هذه الجماعة التي ما مر علينا أسوأ منها.
علينا أن نعلم أن الحوثيين لا يعطون اعتباراً لأحد من غير نسيجهم، ولا يعطون قيمة لأحد من خارج جماعتهم، وأول من يدوسون عليه هو من قدم لهم خدماته، ولا داعي لأن أسرد أمثلة لأشخاص قدموا خدماتهم الكبيرة للحوثيين في طريقهم من صعدة إلى عدن، وكيف تعامل معهم الحوثيون فيما بعد.
علينا أن ننسى كل خلافاتنا السابقة، ونتوحد ضد السلالية والعنصرية والطائفية المتجسدة في الحركة الحوثية.
علينا اليوم أن نستشعر قيم ثوار سبتمبر العظيم، وأكتوبر المجيد، على اختلاف أطيافنا السياسية، وانتماءاتنا المجتمعية، ومذاهبنا الدينية ضد عنصرية هذه الجماعة التي ما نهبت الدولة إلا لأنها تعرف أنها لن تدوم في السلطة، ولا فجرت بيوت الخصوم، إلا ليقينها بصعوبة الاحتفاظ ببيوت هؤلاء الخصوم.
إحساس الحوثيين بالهزيمة هو السبب وراء تصرفاتهم الحمقاء، ولا تنخدعوا بالصرخة، ولا بالصور الكثيرة لزعيم الفتنة في صنعاء، ولا للغطرسة الظاهرية، فوالله إن الخوف يملأ قلوبهم مما تخبئه لهم الأقدار غداً.
لا تنخدعوا بقولهم إنهم "صمدوا أمام عدوان أكثر من عشر دول على رأسها أمريكا وإسرائيل والسعودية"، لا تصدقوا ذلك. لم يصمدوا، هربوا من ثلثي البلاد، واختبأوا من الطيران بين المدنيين، وحملوا الألغام وهي سلاح الهاربين، وعندما اقتربت السكين من رقابهم في صنعاء، نسوا دماء "الشهداء"، وهرولوا إلى السعودية خوفاً ورعباً.
أخيراً إذا بنت الحوثية مدرسة واحدة فأنا اعتذر لمن ساءه هذا المقال، إذا بنت مستشفى، أو شقت طريقاً، أو بنت مصنعاً واحداً، أو حتى (على اعتبار أنها حركة دينية)، لو بنت مسجداً واحداً، فأنا مدين باعتذار ليس عن هذا المقال، ولكن عن كل ما كتبته في حقها على مدى سنوات طويلة.
"إن الله لا يصلح عمل المفسدين"...يقول القرآن...
"من ثمارهم تعرفونهم"...يقول الإنجيل...
الثمرة مرة، مرة للغاية، وكان بودي أن أقول غير ذلك يا أصدقاء.
انظروا إلى وجه صنعاء اليوم، إلى بؤس صعدة، إلى خراب عدن وتعز، إلى مزارع الألغام في الحديدة ومأرب والجوف، وانظروا إلى جراح البيضاء وشبوة وحجة وغيرها من مدن بلادنا، وفوق ذلك انظروا إلى حجم الكراهية التي زرعها الحوثيون بيننا، وستعرفون أية كارثة حلت بنا مع بروز حركة حسين بدرالدين الحوثي.
لقومٍ يعقلون...