لا تفاهمات جانبية ولا شيء.. هو فقط ان الإمارات هدف أكثر حساسية من السعودية بوسعك إطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية واستهداف منشآتها ولن يتضرر اقتصادها بالقدر الذي سيحدث للإمارات ، تهتز هيبتها المعروفة لكنها لا تتبع منهج اجتذاب المستثمر الدولي وتبني وجودها الاقتصادي على فكرة السوق الحرة شان الإمارات . السعودية تبيع نفط ولا تبني وجودها الاقتصادي على السمعة والأمان الكامل ، هي ستظل تبيع النفط على أية حال . بينما يتراكم النفوذ الاقتصادي الإماراتي وتتصاعد الفرص والأرباح من آلاف الاتفاقيات مع الشركات الكبرى العالمية العاملة في مجالات متعددة غير تسويق النفط . السمعة المثالية بكونها بيئة استثمار مغوية ونشطة للغاية ،حتى وإن لعبت مؤخرا دور الإسكندر الا أن العمليات العسكرية تبقى بعيدا عن حدودها ، الإمارات تلك الواجهة الزجاجية الملساء بوعود الأرباح والتي تخفي الكثير من وعود النماء من خلال إعادة الانتاج والتسويق ، هدف مركز وفي متناول صواريخ صنعاء ، ونسبة الخطأ تكاد تكون صفر ،مقارنة بالاهداف السعودية الشاسعة ، واي ضربة صاروخية ستجرد الإمارات من ميزة " بيئة الاستثمار الآمنة " الأمر الذي لو حدث قبل مهرجان اكسبو الأخير كان ليدفع الاف المتعاقدين للتراجع او فرض شروط إضافية تقلل من فرص الإمارات في جني الأرباح وتضعف موقفها الاقتصادي التفاوضي كلية . ويمكنك اتباع البديهة والبناء على تصرح " سريع " وهو يتوعد الإمارات مؤخرا ، لتستنتج التفسير البديهي لانسحاب الساحل . يعني وبعد هذه السنوات من القصف والتدخل انقلبت المعادلة وأمست الإمارات تحت التهديد ، دون اعتماد معيار العتاد والتفوق التكنولوجي العسكري وما شابه ، لكنه معيار الهدف الأكثر عرضة للضرر ، فالحوثي يتفاقم اكثر بمرور الوقت وكأنه جلجامش ،كل ما قصفته كل ما تضخم اكثر ، وتمنحه الحرب ميزة وجودية إضافية ووظيفة ، بينما ترتجف الواجهة الزجاجية وتهتز نرجسية الدولة المتواجدة بفكرة " الكيان الأنيق الباذخ والآمن " بإمكانية ان تصل حزمة صواريخ للواجهة ومعها تتهشم الشخصية الاقتصادية المستمدة خيلائها من كونها متعذرة على الاستهداف والتحول من هدف استثمار إلى هدف تدمير ،الأمر الذي يجعل من الأمر مخاطرة . وجودها ومستقبلها يعتمد هذه الصورة الملساء الآمنة، الحوثي يعي هذا جيدا ، وبوسعه أن يصل بسهولة. ووفقا لهذه المعادلة ولأجل الحفاظ على الواجهة ستقايض الإمارات بكل مافرخته داخل اليمن من تكوينات عسكرية وأحزمة وما شابه . الإمارات لا تتملق إيران، وإيران ايا يكن مستوى علاقتها بالحوثي لكن : فلتطلب منه الانسحاب شبرا واحدا ،لن يفعل ،هناك مستويات للعلاقات ومساحة للمناورة ،دون أن يتمكن أحد مهما على صوته من تسويق فكرة " ان الدعم الإيراني بلا ثمن " ، هناك ثمن ولقد قرروا في المحصلة انهم ضمن المحور ، ولا تعمل على توريط السعودية ، إنها تحمي وجودها الباذخ الهش ، وفي سبيل هذا ستقوم بأي شيئ ويحولها التهديد لأداة في عملية مقلوبة بدأت مغامرة جشعة لحظة استسهال واستخفاف ، ناهيك عن كون الإمارات مزاجها سوقي لا يقتنع بالأرباح الاستراتيجية بعيدة المدى وبذات القدر الذي لا يدرك فيه المخاطر فيغامر ، منهج مضارب في بورصة ما بعد انهيار المعادلة الدولية الضابطة . لم تكن هذه النتيجة خطة إماراتية منذ البدء ، " مساندة الحوثي " ، هي تدخلت مدفوعة بغواية المنافذ والموانئ والجزر ، في بلاد وقعت أرضا وفقدت دولتها وأمست بما تمتلكه من موارد ومواقع مغوية عرضة لتحديق كل من يتتبع الفرص السانحة والأجواء السهلة . لكن كما يقال : سرحه تعكبر قرطه سبلته . في البداية كانوا اقل تقديرا لصواريخ صنعاء ، المدى والدقة، ناهيك عن الموجات الأولى من القصف كانت اقدر على ملاحقة منصات الصواريخ وحدث ان تم تدميرها قبل ان تنطلق . تطورت منظومة الصواريخ ، واثناءها تطورت الخيارات ، وإن ارجأ الحوثيون قصف الإمارات فلأجل الايقاع بين طرفي التحالف وترك انطباع لدى السعودية ان هناك اتفاقا . وهو تحليل شخصي ولربما بالغ الحوثيون في تقدير ردة فعل القوى المرتبطة بالإمارات وحتى المملكة ظلوا يقصفونها على فترات متباعدة فيما يشبه التحذير . الحرب بمرور الوقت خلقت مسارا مختلفا ، ولربما منح الحوثيون الإمارات تطمينا ما مسبقا ،حتى تستحوذ على جانب كبير من القوى اليمنية وتسيطر عليها عسكريا ، ليتمكنوا منها بعد ذلك بتهديد الإمارات كما هو حاصل الآن . الإماراتي متعجل وبن سوق ولديه مطامع محددة ومسبقة ويسهل التلاعب بمخاوفه ولا تضع الإمارات المسألة المذهبية والنفوذ الإيراني في اولويات اهدافها ، بينما تتصرف السعودية بوعي من يريد تفصيل يمن على مقاسه هو ووفقا لحاجته للكيفية والسياق الكامل الذي ينبغي ان نكون عليه . وهذا هو الفارق .