دخلت الأزمة اليمنية مرحلة جديدة من التعقيد بعد إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ تعليق مفاوضات السلام لشهر من دون أن تحرز أي تقدم، وتزامن إعلان تعليق المفاوضات مع تعيين المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح أعضاء المجلس الأعلى الذي شكلوه لقيادة البلاد في 28 يوليو/ تموز الماضي والذي جاءت توليفته وفق تقديرات المراقبين تنبئ عن محاولة لتسوية أوضاع داخلية مأزومة داخل تحالفهم.
ورغم كل المجهودات المضنية التي بذلها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بدعم من الحكومة الكويتية لم تنجح المفاوضات التي انطلقت في أواخر إبريل/ نيسان الماضي في إحداث أي اختراق في موقف الانقلابيين وحليفهم صالح، بل ظلوا يماطلون ويسوفون ويتراجعون عن كل ما تم الاتفاق عليه في محاولة مفضوحة لكسب مزيد من الوقت.
إن تاريخ الحوثيين منذ انطلاقة حربهم الأولى ضد الدولة اليمنية في 2004، اتسم بنقض المواثيق والعهود، حيث وقعوا عدداً من الاتفاقيات لإنهاء الحرب ولكنهم لم يلتزموا بواحدة منها، بل استغلوا اتفاقيات وقف إطلاق النار لمزيد من التوسع وكسب الأنصار وظلت ممارساتهم تؤسس لتقسيم البلاد على أساس مذهبي بدعم من إيران.
هذا التقسيم المذهبي بدأ اليوم واضحاً في سياساتهم وفي التعيينات التي قاموا بها في مؤسسات الدولة المغتصبة، فالحوثيون يعتبرون أنفسهم امتدادا لحكم الإمامة الذي أسقطته ثورة سبتمبر/أيلول 1962.
ولعل المعروف بداهة، أن نجاح أي حوار سياسي لتسوية أزمة ما يفترض أن يكون طرفا هذه الأزمة على قناعة تامة بأن البندقية لا تحل الأزمات السياسية وأن الحرب مهما طال مداها واستطال لن تنتهي إلى نتيجة حاسمة لصالح طرف ما مادامت أسباب الأزمة قائمة.
وواضح جداً أن الأمر عند الحوثيين وحليفهم المخلوع مختلف تماما من خلال مواقفهم المتناقضة في مشاورات الكويت التي أثبتت أنه لا تعنيهم معاناة شعبهم المثخن بالجراح ولا أنين حرائره وأطفاله وشيوخه الذين شردتهم الحرب، وأن كل همهم هو السلطة.
يخدع الحوثيون أنفسهم قبل أن يخدعوا الآخرين إن ظنوا أن محاولات المخلوع صالح لشرعنة المجلس الأعلى الذي نصبوه ستمنحهم الشرعية التي يفتقدونها، وعليهم دائما تذكر حقيقة أن مجلسهم المزعوم سيظل غير معترف به محلياً ودولياً.
لذلك ليس أمامهم وحليفهم المخلوع إلا أن يدركوا أن الوصول إلى اتفاق سلام هو السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية، وأن هذا الحل لن يتأتى إلا بتقديم التنازلات لا بالتمترس خلف الأوهام والحيل التي لم تعد تنطلي على أحد.
افتتاحية الصحيفة في عدد اليوم 13اغسطس/آب