ست سنوات من العبث في صنعاء ومحاولة تدجينها وتحويل المدينة الأكبر في اليمن إلى مجرد سجن مسيج بالميليشيا، وصنعاء التي كانت يوما بوتقة لكل ابناء اليمن بمذاهبهم ومناطقهم المختلفة تتحول تدريجيا لتكون دائرة منغلقة على فكرة عنصرية قادمة من خارج التاريخ والعقل !
ومع ذلك لا تزال صنعاء تقاوم المد الحوثي بكوكبة من المثقفين والمثقفات والأكاديميين والأكاديميات وبالكثير من الصمت البليغ وصبر الجبال.
ومثلهم كوكبة مشرقة من سقطرى وعدن إلى تعز وذمار واب والحديدة مجموعات قابضة على نور الحقيقة في وجه اي دعوات للظلام.
*و الأسبوع الماضي حاول الحوثي أن يقول انه النبي الذي يقدسه سكان العاصمة المختطفة بدليل ( إراقته ) براميل الطلاء الأخضر على كل شيء بما في ذلك حيوانات شاردة وبراميل نفايات وأطفال أبرياء ومجانين كثر فظهرت صورة من العبث تسيء للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ومولده أكثر من أي رسومات أخرى مسيئة.
هدف الحوثي كان إعلان تدجين صنعاء وساكنيها ومهد لذلك بخطابات وتهويل وترهيب وترغيب وبحملة من اعتقالات واسعة طالت أكاديميين وأناس عاديين وحتى تصفية المنافسين من المتحالفين معه والذين قد يشكلون خطرا وتجلت صور القمع بشكل مختلف من اتاوات وابتزاز إلى إخفاء قسري وتصفيات .
وأمس الأول مات الدكتور عدنان عبد القادر الشرجبي استاذ علم النفس في جامعة صنعاء بعد أيام قليلة من خروجه من معتقل الحوثي في صنعاء ليؤكد أن الميليشيا لاتطلق سراح أحد من معتقليها إلا بعد ضمان وصوله إلى قبره مقهورا معتلا.
واليوم تصل رسالة ملفوفة برصاصة إلى الأستاذ عبدالباري طاهر تتبعها محاولة فاشلة للاغتيال، وعقب عليها الكاتب الكبير بسخرية وشجاعة من تفاهة ما يجري من إرهاب في صنعاء لا يهز ضمير كاتب قبض على الجمر سبعة عقود ونيف ونسى هؤلاء أن عبدالباري عصي على الكسر بعد هذا العمر من الصمود في وجه الرياح العاتية.
ولكن يجب أن ندرك خطورة الأمور في صنعاء مع ترسخ نهج القمع الإيراني الذي عرف في طهران منذ انقضاض حركة الخميني على شركاء الثورة الإيرانية 1978 طوال الثمانينات وتصفية كل تيار حر وصاحب مسار ديمقراطي ثم خبرنا ذلك النهج التصفوي في لبنان عندما فرضت إيران يدها عليه ورأينا الميليشيا تصفي التيار الوطني للمقاومة الوطنية اللبنانية ورموز الفكر والتغيير.
ثم جاء الدور على العراق بإغراقه بالحروب وجره إلى هاوية الفرز المذهبي وتصفية كل مسار علمي.
* ذاك منهج واضح لايغطيه غربال المدافعين عن المشروع العنصري الذي يراد تكريسه الآن في صنعاء.
ونحن وإذ كنا نرقب صمود كوكبة من المبدعين والمبدعات من مثقفي هذا الوطن قابضين على الجمر في مواجهة هذا الكابوس الذي يجثم على صنعاء وما حولها، ويواجهون الإرهاب الميلشاوي بالكلمة والصورة والنغم ويواجهون الخطاب المتشدد بالفن والإبداع.
فإننا نقول إن تلك هي جذوة الحرية للوطن كله التي يجب أن تبقى بدعم حقيقي ومحبة صادقة دون ترك تيار الحرية المتنامي في صنعاء وحيدا بوجه الإرهاب يصاب بالقهر أكثر والإحباط والتخلي عنه وتعريضه إلى التجويع والإهمال.
وتلك الكوكبة من الصامدين المبدعين في الداخل من سقطرى إلى عدن وتعز واب وذمار والحديدة وغيرها
تجد هذه الإشراقات عبر إبداع أجمل ما فيه رفض التخلف و ورفض خطاب الكراهية والتطرف ومقاومة الظلام الذي يريد البعض فرضه على اليمن بصور شتى ولكن تلك الإبداعات تبقى دوما نوافذ النور التي لابد أن تبقى مشرعة لتقهر ظلام يراد له أن يكون طاغيا على كل اليمن ولن يكون .. لن يكون .